عمود رأي.. "لعب الدراري"

Dr

الخاسر الأكبر في خلاف الرجاء مع العصبة الاحترافية هو كرة القدم الوطنية. فما حدث وقع في ظرفية حساسية تحتاج فيها الجامعة إلى تحسين صورة الدوري الاحترافي، علها تعثر على مستشهر جديد، يفك أزمتها المالية، وإن كان غياب برمجة محددة، وتواريخ قارة للمباريات، من أهم السلبيات التي تتخبط فيها الكرة المغربية.

في 09/01/2020 على الساعة 14:32

ويبقى الرابح الأكبر مما حدث هو جمهور الرجاء فقط، دون مكتبه المسير. فالأول بقي ثابتا في موقفه، إذ رفع شعار "ملاعبينش" منذ البداية، وظل يردده إلى أن أنهى الحكم اليعقوبي تفاصيل القصة بملعب العبدي، فيما الثاني تناقضت مواقفه، بين الموافقة على اللعب، وطلب التأجيل.

ينبغي أن نكون واقعيين، حتى لا ينسينا حب هذا الفريق أو ذلك توجيه سهام النقد لمن لا يحترم مؤسسته ولا يثبت على حال. فالمكتب المسير للرجاء كان مخطئا في تدبير مواقفه، ولم تكن له الكلمة الفصل. وحتى عندما صوت بنعم، ووافق على اللعب، نسف قرراه بعد دقائق، بفعل تسريب البعض لخبر التصويت للإعلام، وسارع لدعوة منخرطيه إلى اجتماع طارئ، حتى لا يبقى وحيدا في الواجهة، يتلقى السب والشتم من الجماهير.

ليست هذه المرة الأولى التي يخطئ فيها مكتب الرجاء في تدبير خلافه مع الجهة المعنية بالبرمجة، وكلنا يتذكر عندما عقد الزيات ندوة صحفية، على عجل، وقال قولته الشهيرة "حذاري حذاري ..راه الرجا هادي"، قبل أن تسرب جهات محضرا رسميا يحمل توقيعات مسؤولي الرجاء، يؤكد موافقتهم على اللعب في التواريخ التي رفضوها، وبسببها عقدوا الندوة. وهاهو السيناريو يتكرر.

لم يستفد مسيرو الرجاء من الدرس، وارتكبوا حالة العود، وراح الكاتب العام، أنيس محفوظ، يوقع محضرا وافق فيه على مواجهة الدفاع في 7 من يناير، قبل أن يغير رأيه، ويراسل العصبة لطلب التأجيل. فمن أجبر محفوظ، وهو المحامي المقتدر ورجل القانون، على توقيع المحضر؟ وكيف يوقع محضرا يوافق فيه على اللعب، ثم يصوت "ملاعبينش"؟ هذا هو "لعب الدراري"، وهو صاحب الرسالة الشهيرة لحسبان وبلعوبادي، التي مفادها "ردو فلوس صفقة الياميق"، قبل أن يجد الأموال تنتظر لأشهر من يسحبها من الحساب البنكي.

هل كان أنيس، وهو يحضر اجتماع العصبة، يمثل فريقه أم يمثل نفسه؟ الأكيد أنه حضر بتعيين من الرئيس الزيات، وكان على تواصل هاتفي معه، ولم يرفع قلمه لتوقيع المحضر إلا بعد التشاور معه، فلماذا وقع، إن كان يصر على التأجيل؟

كل هذه الوقائع، إذا أضفنا إليها أن الفريق طلب من لمباركي برمجة حصة تدريبية مفاجئة للاعبي الأمل، وقد كانوا في راحة، وإقدام إداريي النادي على طبع أسماء لاعبي الأمل وأرقامهم في الأٌقمصة، تؤكد أن توجه المكتب كان مخالفا لموقف الجماهير. فالمسيرون رفعوا شعار "لاعبين"، فيما الجمهور بقي وفيا لشعاره "ملاعبينش".

لا أحد يناقش أن الرجاء كان محقا في طلب التأجيل في مراسلة 21 دجنبر، وحتى القانون يزكي موقفه، وكان لزاما على العصبة مراعاة ظروفه، بل من الواجب عليها توفير ظروف جيدة للفريق لتحقيق نتائج ترفع من قيمة كرة القدم الوطنية في الخارج. لكن توقيع الكاتب العام للمحضر المذكور، كان هدية في طبق من ذهب للعصبة، وعدم ردها على مراسلات الرجاء، الصادرة بعد اجتماعهما، كان منطقيا، مادامت الأخيرة تتوفر على توقيع رسمي لممثل الرجاء.

بل إن المراسلة التي بعثت بها العصبة للرجاء يوم 6 يناير، لم يكن الغرض منها الرد على مراسلات الرجاء، بقدر ما كان الهدف منها صرف الاهتمام عن التصريحات المجانبة للصواب التي أدلى بها عادل التويجر، وتخفيف الضغط عنه، بعدما أصبحت صوره ومعهاا تصريحاته حديث الساعة بامتياز في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

خلاصة القول، الثبات على الموافق أهم من المواقف نفسها. لذلك وجب على المسيرين الاستفادة جيدا من الدرس، فالرجاء فريق عريق سيره رجال لا يخلفون الوعد، ولا يتراجعون عن قناعاتهم، احتراما لتاريخ النادي ومجده.

ولا يمكن للرجاء أن يتشبث بواقعة توصله بمراسلتين من العصبة تحدد تاريخين لمواجهة الدفاع الجديدي الأولى في 7 فبراير، والثانية في 7 يناير، ويرفض تمسك العصبة وتشبثها بمحضر يحمل توقيع الكاتب العام للرجاء.

إن كل ما قيل لا ينفي التهمة ولا يرفع اللوم عن العصبة، فهي بالرجوع إلى الوقائع تكيل بمكيالين، ويكفي أن أذكر مسؤوليها بواقعتين، الأولى وافقوا فيها على تأجيل مباراة المغرب الفاسي وشباب الريف، ساعات قبل انطلاقها، لأن الماص فشل في إيجاد ملعب، بل أخطأ في الحصول على ترخيص اللعب بمكناس، ولم يعتبروا الفريق الفاسي منهزما، رغم أن تدبير الملعب من مسؤولياته.

والثانية أن العصبة وافقت على تأجيل مبارتين للرجاء والوداد، حتى تسمح لهما بالاستعداد الجيد للمواجهة التي جمعت بينهما في الديربي العربي. لذلك كان من الأفضل للعصبة قبول تأجيل مباراة الرجاء والدفاع، لحفظ ماء وجهها، وإبعاد التهمة عنها.

وأختم بقولة عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، وفيها الكثير من المعاني والإشارات، وهو الخبير بكواليس ما يقع:"الرجاء نجح لأن المشوشين كانوا مشغولين عليه" ...هادشي قالو بنكيران.

في 09/01/2020 على الساعة 14:32