فعلى غرار عدد من المؤسسات السجنية، تحول فضاء السجن المحلي بمدينة تامسنا، بفضل برنامج « PRIS-AFCON » الذي سطرته المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إلى « مدرجات مصغرة » تنبض بحب كرة القدم، في مشهد يجسد عمق الروابط الإفريقية، مانحا النزلاء والنزيلات لحظات استثنائية من التفاعل والاندماج.
ويتضمن برنامج هذا الحدث، الذي يأتي انسجاما مع الرؤية الاستراتيجية الرامية إلى تعزيز البعد الإنساني والاجتماعي للمؤسسات السجنية، تنظيم بطولة إفريقية مصغرة في كرة القدم، تجمع بين النزلاء الأفارقة الذين يبلغ عددهم 150 نزيلا، يمثلون 15 جنسية إفريقية.كما يشمل البرنامج تنظيم عرض مباريات كأس إفريقيا للأمم بجميع غرف وفضاءات إيواء النزيلات والنزلاء بمختلف المؤسسات السجنية، عبر شبكة القنوات الناقلة، إلى جانب تنظيم لقاءات تحليلية وتفاعلية مع لاعبين سابقين وصحافيين ومهتمين بالشأن الرياضي، مع إشراك جمعيات المجتمع المدني ذات الصلة، وذلك في إطار ورشات وأنشطة موازية.
وفي ظل هذه الأجواء الحماسية المفعمة بالروح بالرياضية، والتي تحاكي مشاهد الاحتفاء بالفضاء الخارجي، تجمع عدد من النزلاء أمس الخميس، لإعطاء انطلاقة البطولة المصغرة.
من بين هؤلاء، يقف سجين مغربي وعيناه تلمعان بمزيج من الفخر والحسرة. الفخر بما يشهده من تطور على المستوى الرياضي في بلاده، والحسرة لعدم تمكنه من ارتياد الملاعب والمشاركة في هتافات المشجعين.يقول بنبرة لا تخلو من تأثر « أنا فخور جدا بتنظيم بلادي لـ « كان 2025 » وبالمستوى العالي للبنيات التحتية الرياضية وبالإنجازات التي حققتها كرة القدم المغربية.
تمنيت لو كنت صوتا هادرا بين أصوات المشجعين في المدرجات مساندا لمنتخبنا ».ووصف نزيل كاميروني، بدوره، الأثر العميق لمبادرة المندوبية العامة لإدارة السجون على نفسية النزلاء، قائلا: « رغم أننا داخل السجن، فإننا نشعر أننا غير منسيين، بل نحس بأن هناك من يرافقنا ».
وأضاف النزيل، وهو يتأهب لانطلاق مباريات الدوري المصغر الذي أعطيت انطلاقته في إطار برنامج « PRIS-AFCON »: « هذا الحدث يمكننا من الترويح عن النفس والالتقاء بيننا كأفارقة. صحيح أننا لسنا أحرارا، لكننا اليوم، نشم عبير الحرية من خلال أجواء هذه المبادرة ».
وعبر نزيل سنغالي من جهته، عن سعادته الغامرة بالأجواء التي خلقتها « الكان » داخل المؤسسة، مؤكدا أن الرياضة استطاعت أن تمحو الحدود والجدران أيضا.
وقال في تصريح مماثل: « نشعر بفرح كبير ونحن نقضي أوقاتا جميلة تنيسنا أننا داخل أسوار السجن. طموحي أن يمضي المنتخب السنغالي بعيدا، وأحلم بنهائي يجمع السنغال والمغرب. وبالنسبة لنا، فسواء فاز المغرب أو السنغال باللقب، فالأمر سيان، ستكون الفرحة واحدة ».
هذه الارتسامات العفوية تمثل دون شك صدى للهدف الأسمى من البرنامج الذي انخرطت فيه المؤسسات السجنية عبر المملكة (مراكش، طنجة، فاس، الدار البيضاء، وأكادير)، والذي يروم جعل الفضاء السجني وسطا للتربية على قيم العيش المشترك.وهو ما أكده أيضا، رئيس قسم التأهيل التربوي والعمل الاجتماعي بالمندوبية العامة، بنعيسى بن ناصر، الذي اعتبر أن وضع السجين في قلب التظاهرات الكبرى التي تشهدها المملكة يهدف إلى تعزيز أواصر انتمائه للمجتمع والتشبث بقيمه.
ومن جهته، اعتبر اللاعب الدولي السابق، صلاح الدين بصير، في تصريح للصحافة، أن من شأن هذه المبادرة أن تساهم في التخفيف على النزلاء، مبرزا أن هذا الدوري المصغر، الذي ينظم بين السجناء من مختلف الجنسيات، سيمكنهم لامحالة من تعزيز روح التآخي وتهيئتهم للاندماج في الحياة خارج أسوار السجن.
