ولكن، في ظل هذا الإعلان الذي يسبق الانطلاقة الرسمية لمنافساات البطولة الوطنية، تبرز العديد من التساؤلات التي تفرض نفسها على الساحة الرياضية المغربية: هل يكفي توقيع ميثاق فقط لإرساء ثقافة الحكامة والشفافية التي طالما غابت عن منظومة كرة القدم الوطنية؟ وهل تعكس هذه الخطوة الواقعية المتخمة بالعديد من الإشكالات التي تعاني منها الأندية، من مشاكل مالية، إدارية، وحتى فساد في بعض الأحيان؟
البلاغ الذي صدر مساء يوم أمس الخميس 11 شتنبر 2025، لم يتضمن تفاصيل كافية عن بنود هذا الميثاق وكيفية تطبيقه أو الآليات التي ستعتمد لمراقبة الالتزام به. وكذلك، لم يشرح البلاغ كيف ستتم معالجة التجاوزات أو المخالفات، مما يترك الباب مفتوحًا أمام غموض تنزيله على أرض الواقع .
في الوقت الذي تؤكد فيه العصبة على أن الميثاق يشكل نقطة تحول تاريخية، يحتاج الوسط الرياضي إلى بلاغات إضافية توضح تفاصيل الخطوات العملية، وتفصل الإجراءات الملموسة التي ستتبع من أجل ضمان الشفافية ومحاسبة المخالفين.
كما أن مبدأ الاحتراف الذي تروج له العصبة، مازال يفتقر إلى الأسس التنظيمية والمالية القوية التي تحمي حقوق الأندية واللاعبين على حد سواء، وهو ما يهدد مصداقية أي مبادرة يُعلن عنها دون دعم فعلي من أجهزة الرقابة المستقلة.
في هذا السياق، ألم يكن حريا بالعصبة الاحترافية أن تضع أولوية معالجة القضايا المستعجلة و العالقة التي تتعلق بنزاعات بعض الأطر واللاعبين مع الأندية الوطنية. هذه النزاعات التي صدرت بشأنها أحكام نهائية، إلا أن بعض مسؤولي الأندية لجأوا إلى حيل غير أخلاقية، مثل استئناف هذه الأحكام بهدف إطالة أمد صرف الحقوق المشروعة لأصحابها. وهذا السلوك لا يضر فقط بمصداقية الأندية، بل يمنحها فرصة غير مستحقة لتسجيل وتأهيل لاعبين جدد خلال فترة الانتقالات، مما يخل بمبدأ تكافؤ الفرص ويضر بمبدأ « المنافسة الشريفة » التي تتشدق العصبة بأرسائها في منافسات البطولة الاحترافية.
ختامًا، يبقى ميثاق الالتزام بالحكامة خطوة إيجابية، لكنها بحاجة إلى ترجمة فعلية على الأرض تتجاوز الكلمات والشعارات، عبر تنفيذ واضح وقوي للالتزامات، وتوفير دعم حقيقي لكل مكونات الأندية الوطنية، وإشراك جميع الأطراف المعنية لضمان أن يكون هذا الميثاق قاعدة صلبة ترتكز عليها كرة القدم المغربية نحو مستقبل أفضل.
