أثناء مجريات كأس أمم إفريقيا للسيدات، انتبهت الجماهير الرياضية إلى قيام التلفزيون الجزائري بتعتيم شعارات وأسماء مرتبطة بالمملكة المغربية، في مشهد يعيد للأذهان أحداثًا مماثلة وقعت خلال كأس العالم في قطر سنة 2022، عندما فضّل الإعلام الرسمي الجزائري تجاهل إنجازات أسود الأطلس التاريخية بدل أن ينطق باسم المغرب.
لم يعد الأمر محصورًا بالرياضة. لقد تحوّلت العقدة المغربية إلى ظاهرة وطنية في الجزائر، تسربت من الخطاب السياسي إلى الثقافة والمجتمع والإعلام، بل حتى إلى مدرجات ملاعب كرة القدم النسوية.
المغرب لم يعد جارًا. لقد أصبح « بُعبعًا » متخيلًا، الشماعة المثالية لكل أزمة أو عطب: من حرائق الغابات إلى نقص المواد الغذائية، من قطع المياه إلى اضطراب المناخ.
في المقابل، يواصل المغرب تقدمه بهدوء. احترافية المملكة في التنظيم الرياضي تنال إشادة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف)، وتحضيراتها لاستضافة كأس العالم 2030 تتقدّم بخطى ثابتة.
بينما يُلصق الملصق الأسود على شعار مغربي هنا أو اسم مدينة هناك، يَشغل المغاربة مواقعهم في صلب مستقبل كرة القدم العالمية.
وكما قال الفيلسوف الفرنسي باسكال بروكنر في حديث إعلامي: « نحن أمام شعب تم تفريغه من وعيه، أسير نظام يزرع الكراهية بدل الوعي »، تعليقًا على محنة الروائي الجزائري بوعلام صنصال، الذي لم يسلم من البطش لمجرد مواقفه الفكرية.
ليست المشكلة في الرقابة، بل في ما تكشفه الرقابة من هشاشة. حين تقوم دولة بطمس اسم بلد جار، فهي لا تُخفيه، بل تُسلّط الضوء عليه أكثر.
وعندما تمنع ذكره، فإنها تمنحه مركز الصدارة في كل حديث وكل محاولة للتعتيم، لا تُنتج سوى مزيد من الانكشاف.
في النهاية، الإهانة لا تطال المغرب، بل تصيب الشعب الجزائري نفسه، لأن التعتيم على الواقع لا يحمي من الحقيقة، بل يكرّس الضياع في أوهام تُغذيها دعاية بائدة، وتصبح المفارقة صارخة، إن ما أُريد إقصاؤه، تحوّل إلى مزيد من الاهتمام.
