ما يحدث لجماهير الأندية الوطنية، وعلى رأسها جماهير الوداد الرياضي، لا يمكن وصفه سوى بالعبث، بل بالمهزلة التي تُدار تحت عباءة « الاحتراف » الكاذب.
ففي حين يُروج القائمون على الكرة المغربية لبطولة محترفة ومنافسات بمعايير دولية، تصفعنا الجولة الأولى بصورة مُخزية: طوابير طويلة، تدافع، انتظار تحت لهيب الشمس، فقط من أجل استلام تذكرة تم شراؤها مسبقًا عبر الإنترنت!.

نعم، تذكرة إلكترونية مدفوعة الثمن، تتحول فجأة إلى وثيقة ورقية تستلزم رحلة عذاب لإخراجها من دهاليز « سوء التنظيم ». إنها قمة العبث أن تشتري تذكرة رقمية ثم تُجبر على الوقوف ساعات في طوابير لا تليق بكرامة المشجع الرياضي، فقط لأن الجهات المنظمة لا تملك البنية ولا الإرادة لتطبيق نظام ولوج بسيط متبع في كل ملاعب العالم المحترمة.
ما وقع لجماهير الوداد الرياضي، قبل مواجهة الكوكب المراكشي، ليس استثناءً، بل تكرار لمشهد يُعيد نفسه مع الأندية ذات القاعدة الجماهيرية الكبيرة، مشجعون يُعاملون بطريقة غير لائقة، لا قيمة لوقتهم ولا لكرامتهم، يُتركون تحت شمس حارقة، دون أن تحرك هذه الصورة الخادشة أي مسؤول لتغييرها.
فأي « احتراف » هذا الذي يتحدثون عنه؟ وأي بطولة هذه التي يُعذب فيها المشجع بدل أن يُكرم؟ إننا أمام نسخة مشوهة من البطولة الوطنية، لا تستحق اسم « الاحترافية »، بل الأولى أن نطلق عليها « بطولة الانحرافية »، لانحرافها عن أبسط المعايير التنظيمية والإنسانية.
الغريب أن الحلول معروفة، سهلة، ومجربة في كل بلدان المعمور: نظام إلكتروني متكامل لشراء التذاكر، يتيح للمشجع تحميل تذكرته واستعمالها مباشرة عبر هاتفه عند بوابة الملعب، ولكن يبدو أن هناك من لا يريد لهذا التطور أن يحدث، إما لجهل تقني، أو لمصالح خفية، أو ببساطة لأنهم لا يحترمون الجماهير، ولا يرون فيها سوى وسيلة للربح لا أكثر.
وإلى أن يتغير هذا الواقع المهين، ستبقى جماهير الكرة الوطنية تكتوي بنار الإهمال، ويستمر المسؤولون في بيعنا وهْم الاحتراف، بينما الحقيقة تقول: نحن في زمن « الانحراف الكروي »، لا أكثر.
