يقود لوتشانو سباليتي منتخب إيطاليا بحلّة جديدة في كأس أوروبا لكرة القدم 2024، للدفاع عن اللقب في ألمانيا واستعادة هويّة المنتخب الفائز بالمونديال أربع مرات. بطولة قارية ستكون الأولى لـ”سكوادرا أتزورا” منذ النسخة الماضية قبل ثلاث سنوات، وذلك عقب الغياب عن المشاركة في كأس العالم 2022. وسيكون سباليتي مكلّفا في جولة جديدة من البحث العميق عن شخصية المنتخب المتوّج باللقب القاري مرّتين.
ويُعيد سباليتي إيطاليا إلى المسرح الذي حقّقت فيه ما قد يكون آخر أعظم إنجازاتها على صعيد المنتخب، في ألمانيا حيث رفع القائد فابيو كانافارو لقب كأس العالم عام 2006 مع جيل ذهبيّ ضمّ أمثال الحارس جانلويجي بوفون، فرانتشيسكو توتي، أليساندرو دل بييرو وأندريا بيرلو.
منذ ذلك الحين، يعيش المنتخب الإيطالي أزمة هويّة، غير واثق من موقعه في الساحة العالمية، ولم يعد ذلك المنتخب الذي يخشى منه المنافسون كما في العقود الماضية. حتّى لقب كأس أوروبا صيف 2021 الذي جعل من المنتخب ومدرّبه السابق روبرتو مانشيني أبطالا قوميين، جاء كمفاجأة للمشّجعين الذين اعتادوا الأداء المتوسّط. لكن الأبطال الذين رفعوا الكأس في ملعب ويمبلي بعد الفوز على إنجلترا بركلات الترجيح، استُبعد عدد كبير منهم عقب الفشل في التأهّل إلى مونديال قطر.
اليوم، يهدف جيل أصغر إلى إعادة بناء سمعة إيطاليا بعدما فشل الحرس القديم في حجز مكان في المونديال للمرّة الثانية تواليا بعد أقل من عام على المجد الأوروبي. وقال سباليتي الاثنين “في كرة القدم تحتاج إلى حوافز جديدة، دماء جديدة، أشخاص على استعداد لتقديم أنفسهم وإظهار ما يمكنهم فعله”. وأضاف عشية تعادله الثلاثاء مع ضيفته تركيا دون أهداف “إن لم تكن مستعدا لمواجهة هذه التحديات، أو لم تكن مستعدا لتحمل هذه المسؤولية فسوف تخسر”. استدعى المدرب خمسة لاعبين فقط من الذين بدأوا مواجهة إنجلترا قبل ثلاثة أعوام في تشكيلة أوليّة ضمّت 30 لاعبا ستُقلّص إلى 26 الخميس.
وسيغيب عن التشكيلة عدد من المخضرمين الذين تقدّموا في العمر، مثل القائد المعتزل جورجو كييليني وزميله في قلب الدفاع ليوناردو بونوتشي، لكن المفاجأة كانت باستبعاد لاعبين آخرين برزوا بقوة في السنوات الماضية، على غرار ماركو فيراتي، لورنتسو إينسينني، تشيرو إيموبيلي وليوناردو سبيناتسولا. كما فاجأ سباليتي الجمهور باستبعاد مانويل لوكاتيلي الذي عُدّ اكتشافا في 2021 وشارك في المباراتين الوديتين أمام فنزويلا والإكوادور في مارس الماضي.
قرار دفع لاعب وسط يوفنتوس إلى نشر صورة سوداء على إنستغرام تعبيرا عن خيبة أمله من استبعاده، في حين نال زميله نيكولو فاجولي الاستدعاء على الرغم من أنه لم يلعب معظم الموسم بعد إيقافه سبعة أشهر بسبب قضية مراهنات غير مشروعة. ولم يكن فاجولي الوحيد الذي لا يمتلك خبرة دولية كبيرة، حيث إن ما يقرب من نصف اختيار سباليتي في التشكيلة الأولية لعبوا أقل من 10 مباريات دولية، و12 منهم لعبوا أقل من خمس مباريات.
وتخوض كرواتيا غمار كأس أوروبا بقيادة المايسترو المخضرم لوكا مودريتش بتفاؤل حذر، لاسيما أن القرعة أوقعتها في مجموعة الموت إلى جانب إيطاليا حاملة اللقب وإسبانيا وألبانيا. لم تشهد التشكيلة الرسمية التي اختارها المدرب زلاتكو داليتش أي مفاجآت في هذه الدولة البلقانية الصغيرة، اعتادوا على تحقيق منتخب بلادهم نجاحات لافتة في البطولات الكبرى.
ووصفت صحيفة “يوتارنيي ليست” المحلية التشكيلة بأنها خلت “من المفاجآت والصدمات، مع الاعتماد بثقة كبيرة على ‘جنودها الأوفياء'”. ولطالما أكد المدرب داليتش أن فريقه يعي تماما التطلّعات وأن فريقه يملك الطموح ليؤكد مكانته في الكرة الأوروبية، لكنه يضيف في مؤتمر صحفي أواخر مايو “سيكون الأمر صعبا”.
وأوضح مدرّب الهلال السعودي والعين الإماراتي السابق الذي نجح في قيادة كرواتيا إلى نهائي مونديال روسيا 2018 (خسر أمام فرنسا 2 – 4) وإلى المركز الثالث في مونديال قطر 2022 “لدينا حظوظ جيدة لكن كأس أوروبا هذه أقوى من كأس العالم. انظروا فقط إلى المنتخبات المتأهلة”. ستخوض كرواتيا مباراتها الافتتاحية في البطولة ضد إسبانيا في 15 يونيو في برلين، في إعادة لنهائي دوري الأمم الأوروبية العام الماضي والتي انتهت بفوز إسبانيا، قبل أن تواجه ألبانيا ثم إيطاليا في مجموعة ثانية بالغة الصعوبة.
وعلى الرغم من أنه ذكّر بأن كرواتيا لم تتخط حاجز ربع النهائي في البطولة القارية منذ عام 2008، فقد أبدى داليتش تفاؤله هذه المرّة بقوله “لا أريد أن أخلق أي ضغوط. يتعيّن علينا أن نتحلّى بالحكمة والرصانة وتمثيل كرواتيا بكرامة”. وسيكون المنتخب مرّة جديدة مبنيا حول قائده المخضرم لوكا مودريتش (38 عاما) نجم ريال مدريد الإسباني صاحب الكرة الذهبية عام 2018، وربما تكون الفرصة الأخيرة أمامه لرفع الكأس لبلاده.
تعصف داخل أروقة الاتحاد الإسباني لكرة القدم أزمة إدارية غير مسبوقة، إلاّ أنّ المنتخب الوطني يدنو من نهائيات كأس أوروبا هذا الصيف في ألمانيا بخطوات ثابتة وهو يشعر بأنه يطوي صفحة بعد عقد من خيبات الأمل. وهيمن “لاروخا” على عالم الكرة المستديرة بين عامي 2008 و2012، فأحرز لقب كأس أوروبا مرّتين 2008 في النمسا وسويسرا و2012 في بولندا وأوكرانيا ومونديال جنوب أفريقيا 2010. ومذاك، واجهت الكرة الإسبانية أزمة ثقة فغابت عن منصات التتويج خلال 11 عاما، قبل أن تتصالح مجدّدا مع الانتصارات بفوز المنتخب بلقب مسابقة دوري الأمم الأوروبية العام الماضي.
اعتقد البعض أن هذا التكريس سيُعيد الاطمئنان للكرة الإسبانية، إلاّ أنّ الأزمات عصفت بها ولكن هذه المرة خارج الملاعب، فبعد بضعة أشهر على التتويج الأوروبي استقال رئيس الاتحاد لويس روبياليس (46 عاما) عقب فضيحة هزّت عرشه بسبب قبلته القسرية لنجمة منتخب السيدات جيني هيرموسو خلال حفل التتويج بمونديال 2023 في سيدني الأسترالية.