وبفتح دفاتر قديمة تعود إلى الزمن الكروي الذهبي لكرة القدم المغربية، عندما كانت تعج بلاعبين جمع الكثير منهم ما بين المهارات الكروية والمستوى التعليمي، قادهم إصرارهم على التحصيل العلمي في تقلد مناصب عالية بعد نهاية مسارهم الكروي، ونذكر على سبيل الذكر لا الحصر، ما بلغه عبد القادر لشهب، لاعب سابق في صفوف فريق الوداد البيضاوي، الذي كان يجاور وقتها "عمالقة" الفريق الأحمر في مقدمتهم الناخب الوطني السابق بادو الزاكي، إذ يشغل حاليا منصب سفير المغرب في روسيا.
الجمع بين الممارسة والدراسة
واستطاع وهشام العلولي، اللاعب سابق لفريق حسنية أكادير والمنتخب الوطني، والذي بدأ مشواره الكروي بفريق أولمبيك الدشيرة، وبعدها انتقل لفتيان حسنية أكادير وتدرج رفقة الفريق حتى الكبار، أن يوازي بين المشوار الكروي والدراسي، ليلج بعد ذلك مجال التدبير والتسيير المقاولتي والرياضي، لينتهي به المسار مديرا للمركب أدرار الكبير بميدنة أكادير.
لشهب والعلولي غيض من فيض من اللاعبين المميزين في الميدان الرياضي والدراسي، وكعودة لجوهر الموضوع، فيكاد الجميع في بلدنا يؤمن بفكرة وهي أن الدراسة وممارسة لعبة كرة القدم يستحيل أن يسيرا في خطين ممتوازيين. وعشق كرة القدم وواجب الدراسة صراع لا ينته، مما يجعل الكثيرين من الأطفال والشباب يقفون عاجزين عن التوفيق بين دراستهم ومسارهم الرياضي، ويكون في النهاية لزاما عليهم التضحية بأحدهما في سبيل الإبقاء على الأخرى، والغلبة في معظم الأحيان تكون لكرة القدم.
تعلق اللاعب عبد العظيم خضروف، لاعب الوداد البيضاوي، بالدارسة والتعليم، حرمه من إظهار ملكاته الكروية في وقت مبكر، هاجس إتمام مساره الدراسي كانت بالنسبة إليه عائقا مؤقتا، سرعان ما تجاوزه بفضل إصراره وطموحه.
الإصرار على التحصيل
وكانت بداية اللاعب خضروف رفقة الفئات الصغرى لفريق الرجاء البيضاوي، ولما بلغ فئة الشبان، تزامن ذلك مع امتحانات الباكالوريا، والتي اجتازها بنجاح في سن 17 عاما، سنة 2002، وأمام صعوبة المزاوجة بين التعليم وممارسة كرة القدم، أوضح خضروف في تصريحات صحفية بهذا الخصوص، أنه انضم إلى إحدى فرق الهواة، سعيا وراء إيجاد وقت إضافي يمكنه من متابعة دراسته بكل أريحية، وبالفعل استطاع رفقة فريقه الهاوي أن يحصل على ديبلوم الدراسات الجامعية العامة ((D.E.U.G، خلال الموسم الكروي 2004.
إصرار خضروف على التحصيل، يقابله تحدي وهوس آخر، وهو الوصول إلى النجومية بشكل سريع في مجال كرة القدم، بالنسبة للعديد من اللاعبين، الأمر الذي دفعهم إلى هجرانهم لكراسي الدراسة مبكرا، بعدما وجدوا صعوبة كبيرة في التوفيق بين واجباتهم الدراسية وممارسة لكرة القدم، ليقرروا الانقطاع عن الدراسة، عند عتبة السنة الأولى من التعليم الثانوي، أو بعدها بسنوات، ولم يفلت إلا القليل من اللاعبين لتجاوز عتبة البكالوريا والولوج للجامعة.
محدودية المستوى التعليمي
ويكاد يجمع بعض المتتبعين للشأن الكروي الوطني على محدودية المستوى التعليمي لجل لاعبي البطولة الوطنية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يضعهم في مأزق بسبب عدم قدرتهم على التعبير في تصريحاتهم للوسائل الإعلام بشكل واضح ومفهوم، ليفتح الباب على مصراعيه للتأويلات، التي تضر في الغالب باللاعب نفسه.
ويقلص توقف اللاعبين المغاربة عند مستويات مبكرة في التعليم، بالإضافة إيجادهم للصعوبات في حالة احترافهم، خاصة في الدوريات الأوروبية، فرص ولوجهم مجال التدريب بعد نهاي مسارهم الكروي، إذ يصعب عليهم اجتياز امتحانات الدورات التدريبية التي يخضعون لها قبل اقتحام مجال التدريب، على يد متخصصين في المجال.
ولا يختلف اثنان على بعض المشاهير في عالم كرة القدم من مدربين ولاعبين نجحوا في الحصول على شهادات جامعية عليا في تخصصات مميزة، بل أن البعض منهم نال أكثر من شهادة في عدة تخصصات!
