رحل الطاهري، الذي وهب حياته للمستطيل الأخضر، ليتحول إلى أسطورة حية في قلوب محبيه، لكن رحيله كشف عن مرارة الإهمال الذي عانى منه في أيامه الأخيرة.
« افتقدنا أسطورة، رياضي بامتياز، وتجسيداً للتواضع والتسامح »، بهذه الكلمات الحزينة عبّر قدوري بن سلطان، رئيس جمعية قدماء لاعبي الاتحاد الإسلامي الوجدي، عن عمق الفقد، مشيراً إلى أن الطاهري، رغم قوته كلاعب في صفوف المولودية الوجدية والمنتخب الوطني، واجه التهميش في نهاية حياته، وعاش وحيداً وقلبه مثقل بالأسرار.
خمسون عاماً من القرب، جعلت محمد اليماني، صهر الفقيد، شاهداً على نبل أخلاق الطاهري، مؤكداً أنه لم يسمع منه قط كلمة نابية، وأنه كان سنداً له في كل أموره.
أما المشجعون، فقد استعادوا ذكريات هيبته وشخصيته القوية داخل الملعب، حيث كان الجمهور يشعر بالطمأنينة لرؤيته يلعب، مشيدين بحبه العميق لوجدة وغيرته على أهلها.
ووجه لاعب المولودية الوجدية السابق عبد الحميد بقال انتقادات لاذعة للمسؤولين الذين أهملوا الطاهري، قائلاً بمرارة: « أعطى الكثير للكرة الوطنية ولكن الكرة لم تعط له شيئاً، لقد تركوه يعاني لوحده »، مضيفا أن نداءات استغاثة الطاهري عبر الفيديوهات والمقابلات لم تلق آذاناً مصغية إلا بعد فوات الأوان.
وأشار زميله السابق في المولودية الوجدية كمال السميري، أن تفضيله الجنسية المغربية على الجزائرية، ليتمكن من اللعب لصالح المنتخب الوطني المغربي، كانت دليلاً آخر على حب الطاهري لوطنه، معرباً عن أسفه لنقص التقدير الذي حظي به، رغم وجود بعض المحسنين الذين ساندوه.
علاقة « القلب للقلب » كانت تربط الجمهور بالطاهري، كما وصفها، محب قديم للرياضة في وجدة، مشيداً بأخلاقه الفطرية وشخصيته البسيطة والعظيمة في آن واحد، في المقابل، بيَّن أحمد الشادمي، المعروف بـ « حميدة »، والذي عاصر الراحل منذ عام 1973، بأنه « عاش فقيراً ومات فقيراً »، مشيراً إلى غياب الداعمين له في أشد أوقات حاجته.
« لم يأخذ حقه »، أكد هراس يحيى، زميله السابق بنهضة بركان، فالطاهري كان يلعب من أجل حب اللعبة، مدافعاً صلباً بقميص المنتخب الوطني ومولودية وجدة.
من جانبه، قدم رئيس نادي مولودية وجدة خليل متحد، خالص تعازيه، معتبراً الطاهري « أسطورة في كرة القدم وتاريخ لن ينسى »، صنعه بألوان المولودية والمنتخب الوطني، مضيفا أن مصطفى الطاهري رحل جسداً، لكن ذكراه ستبقى خالدة، شاهداً على عطاء رياضي استثنائي، وتضحية من أجل حب كرة القدم والوطن
