ولم تكتفِ بلادنا بترميم منشآته الرياضية، بل أعاد التفكير فيها من الأساس. لم يكن الأمر مجرد بناء أو تجديد، بل تصور جديد لملاعب قادرة على احتضان بطولة مفصلية في تاريخ الكرة الإفريقية.
هذه الملاعب، سواء التي خضعت لإعادة تأهيل شاملة أو التي شُيّدت من الصفر، تتجاوز كونها بنايات إسمنتية. إنها فضاءات للحلم، مسارح للمشاعر، وأماكن تبحث فيها إفريقيا عن قصصها، عن فرحها، وأحيانًا عن جزء من هويتها. مدن مثل مراكش، أكادير، فاس، والدار البيضاء استعادت بريقها بعد أشغال دقيقة وثقيلة. أما الرباط، فقد شهدت ثورة حقيقية على مستوى البنيات التحتية، إذ أُعيد بناء مجمع مولاي عبد الله، وملعب مولاي الحسن، وملعب البريد من جديد، في حين فرض الملعب الأولمبي نفسه كأحد أبرز رموز هذه النسخة، صرح شُيّد خصيصًا للبطولة، كإعلان واضح عن طموح مغربي يتطلع إلى المستقبل بثقة.
مجمع مولاي عبد الله
الحداثة، الاستدامة، والربط الذكي… كلها مفاهيم تجتمع في مجمع مولاي عبد الله الجديد، الذي سيكون دون شك محط أنظار الجميع، باعتباره تحفة معمارية ورمزًا لنسخة استثنائية من كأس إفريقيا.
أُعيد تشييد هذا المعلم الرياضي في مدة قياسية لم تتجاوز 18 شهرًا، وفق أعلى المعايير الدولية، وبميزانية تجاوزت 3 مليارات درهم. وأضحى المجمع المعقل الجديد للمنتخب الوطني المغربي. وقد شكل افتتاحه الرسمي من طرف ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في الرابع من شتنبر 2025، محطة فارقة في تاريخ البنيات التحتية الرياضية بالمملكة.
Complexe Moulay Abdellah
بسعة تبلغ 68.700 مقعد، يُعد أكبر ملعب في المغرب. تصميمه العصري والأنيق يعكس الهوية المغربية، من واجهته المزينة بألواح مستوحاة من أوراق النخيل، إلى مقاعده الحمراء التي تضفي إشعاعًا خاصًا على مدينة الرباط.
الملعب مزود بأرضية هجينة طبيعية عالية التقنية، تجمع بين العشب الطبيعي والألياف الاصطناعية، وهي تقنية غير مسبوقة في إفريقيا، توفر أفضل مستويات التصريف والمتانة، مع مراعاة البعد البيئي وسلامة اللاعبين.
كما يتوفر المجمع على مرافق استثنائية تشمل أربعة مستودعات ملابس، 110 مقصورات لكبار الشخصيات، خمسة صالونات بسعة 5.400 مقعد، منصة إعلامية تتسع لأكثر من 1.800 صحفي، ومساحات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة.
ويُعد مجمع مولاي عبد الله أول ملعب مغربي يضم عشرة فضاءات تجارية مخصصة كليًا للجماهير، حيث يمكن للأنصار اقتناء القمصان الرسمية للمنتخب الوطني ومجموعة واسعة من المنتجات المرافقة كالأوشحة، القبعات، الأعلام، والإكسسوارات.
سيحتضن المجمع مباريات المغرب ضد جزر القمر يوم 21 دجنبر على الساعة 20:00، المغرب ومالي يوم 26 دجنبر على الساعة 13:00، وزامبيا ضد المغرب يوم 29 دجنبر على الساعة 18:30 ضمن دور المجموعات، إضافة إلى مباراة في ثمن النهائي يوم 4 يناير على الساعة 18:00، وربع النهائي يوم 9 يناير على الساعة 20:30، ونصف النهائي يوم 14 يناير على الساعة 20:30، ثم المباراة النهائية يوم 18 يناير على الساعة 20:00.
ملعب مولاي الحسن
في قلب حي النهضة، أعيد بناء ملعب مولاي الحسن بالكامل، وافتُتح رسميًا يوم 13 نونبر 2025 بمناسبة مباراة نصف نهائي الملحق الإفريقي المؤهل لكأس العالم 2026 بين نيجيريا والغابون.
يمتد الملعب على مساحة تقارب ثلاثة هكتارات، ويتسع لـ22.000 متفرج، مستوفيًا لمعايير الاتحادين الإفريقي والدولي لكرة القدم. وقد بلغت كلفة تحديثه حوالي 800 مليون درهم.
Le360sport
يتميز بواجهة زجاجية تسمح بمرور الهواء وتعكس الضوء، ومقاعد باللونين الأخضر والأحمر، وشاشات عملاقة، ونظام إضاءة متطور، وأرضية لعب مثالية. ويتوزع الملعب على خمسة طوابق تضم مناطق كبار الشخصيات، فضاءات إعلامية، ومراكز تحكم من الجيل الأخير.
سيستقبل ملعب مولاي الحسن مباريات الجزائر والسودان يوم 24 دجنبر على الساعة 16:00، الجزائر وبوركينا فاسو يوم 28 دجنبر على الساعة 18:30، وغينيا الاستوائية ضد الجزائر يوم 31 دجنبر على الساعة 17:00، إضافة إلى مباراة في ثمن النهائي يوم 6 يناير على الساعة 17:00.
ملعب البريد
أُعيد بناء ملعب البريد بالكامل تحضيرًا لكأس إفريقيا 2025، وافتُتح يوم 13 نونبر 2025 خلال مباراة الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية ضمن نصف نهائي ملحق مونديال 2026.
يقع الملعب في قلب حي أكدال، ويتسع لـ18.500 متفرج، ويتميز بجماليته الأنيقة بمقاعده الزرقاء والبيضاء وأرضيته المثالية. واجهته الزجاجية المعاصرة، وسقفه المعدني الفريد، وشاشتاه العملاقتان المتقابلتان، تمنحه هوية بصرية قوية.
Le360sport
كما يتوفر على مستودعات ملابس حديثة، قاعة للياقة البدنية، قاعة اجتماعات، ووحدة طبية. وقد تجاوزت كلفة الأشغال 600 مليون درهم.
سيحتضن مباريات الكونغو الديمقراطية ضد بنين يوم 23 دجنبر على الساعة 13:30، أوغندا وتنزانيا يوم 27 دجنبر على الساعة 18:30، بوتسوانا والكونغو الديمقراطية يوم 30 دجنبر على الساعة 20:00، إضافة إلى مباراة في ثمن النهائي يوم 4 يناير على الساعة 20:00.
الملعب الأولمبي بالرباط
افتُتح الملعب الأولمبي بالرباط يوم 25 ماي 2025 بمناسبة ملتقى محمد السادس الدولي لألعاب القوى، وهو مجهز بمضمار معتمد من الاتحاد الدولي لألعاب القوى.
بسعة 21.000 مقعد، يُعد ملحقًا لمجمع مولاي عبد الله، لكنه يتميز بتعدد استخداماته وتصميمه المستقبلي. وقد استضاف ست مباريات من كأس إفريقيا للسيدات 2024، من بينها النهائي بين المغرب ونيجيريا.
Stade Olympique de Rabat. Le360
يتوفر على موقف سيارات تحت أرضي، صالونات VIP وVVIP، قاعة للعلاج بالتبريد، ومرافق حديثة متنوعة.
سيستقبل مباريات تونس وأوغندا يوم 23 دجنبر على الساعة 21:00، بنين وبوتسوانا يوم 27 دجنبر على الساعة 13:30، وتنزانيا وتونس يوم 30 دجنبر على الساعة 17:00.
مركب محمد الخامس بالدار البيضاء
رمز العاصمة الاقتصادية، خضع مركب محمد الخامس لأشغال تحديث دامت حوالي سنة ليكون جاهزًا لكأس إفريقيا 2025. بسعة 45.891 متفرج، أعيد افتتاحه خلال ديربي الرجاء والوداد يوم 12 أبريل 2025.
شملت الأشغال استبدال المقاعد، تحديث نظام الصوت والمراقبة، تجديد منصة الصحافة، تركيب عشب هجين جديد، وتعديل مضمار ألعاب القوى.
Grand stade de Tanger. Le360
يضم المركب أيضًا قاعة مغطاة بسعة 15.000 مقعد، فندقًا، مسبحًا أولمبيًا، مركزًا إعلاميًا، ومرافق طبية ومكافحة المنشطات.
سيستقبل ست مباريات في دور المجموعات، ثم مباراة في ثمن النهائي يوم 3 يناير على الساعة 20:00، ومباراة الترتيب يوم 17 يناير على الساعة 17:00.
ملعب أدرار الكبير لأكادير
يعتبر الملعب الكبير لأكادير، بسعة 45,480 متفرجًا، أحد أبرز الملاعب التي ستستضيف مباريات البطولة. شهد الملعب مرحلة أولى من التجديد بلغت تكلفتها 450 مليون درهم، ويُخطط لمرحلة ثانية تصل ميزانيتها إلى حوالي 2.5 مليار درهم، استعدادًا لكأس العالم 2030، التي ستستضيفها المغرب بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال.
في المرحلة الأولى، جرى تحديث غرف الملابس واستبدال عدد كبير من مقاعد الجماهير، كما تم تطوير محيط الملعب بزراعة 30,000 شجرة، وزيادة قدرة مواقف السيارات من 2,600 إلى 4,100 موقف، إضافة إلى إنشاء مساحات جديدة لبيع التذاكر وتصاريح الدخول، وتجهيز ملاعب التدريب بعشب جديد.
افتُتح الملعب رسميًا في 2 ديسمبر 2025، خلال مباراة ودية جمعت أسود الأطلس النسائية مع منتخب جنوب إفريقيا، قبل ثلاثة أشهر فقط من انطلاق النسخة السادسة عشرة من البطولة، المقررة بين 17 مارس و3 أبريل 2025. وسيستضيف الملعب عدة مباريات خلال مرحلة المجموعات والأدوار الإقصائية للبطولة.
الملعب الكبير لمراكش
شهد الملعب الكبير لمراكش أيضًا عملية تجديد واسعة، بتكلفة أولية بلغت 400 مليون درهم، مع استعدادات إضافية قبل كأس العالم المغربي-الإيبيري. الملعب يسع الآن 45,240 متفرجًا، وتمت إعادة تصميم مدرجاته وتوسيعها، إضافة إلى إنشاء مطعم بانورامي بسعة 160-180 مقعدًا، مع تغطية كاملة بالواي فاي، وصالات VIP، و15 جناحًا خاصًا، و15 Skybox مُعاد تصميمها لتقديم تجربة فاخرة للمشجعين.
تم تعزيز الأمن في الملعب وزيادة عدد المداخل من 32 إلى 64، وتجديد الملاعب الفرعية، واعتماد حلول صديقة للبيئة مثل إعادة تدوير المياه والإضاءة الموفرة للطاقة. افتُتح الملعب رسميًا في 28 نوفمبر 2025، بمباراة ودية جمعت أسود الأطلس النسائية مع منتخب بوركينا فاسو.
الملعب الكبير لفاس
أما الملعب الكبير لفاس، فقد شهد تجديدًا ضخمًا بتكلفة نحو 600 مليون درهم، ليصبح قادرًا على استقبال 35,468 متفرجًا. افتتح الملعب بعد التجديد في 6 يونيو 2025، خلال مباراة ودية جمعت أسود الأطلس مع المنتخب التونسي.
وتضمن التجديد تحديث مدرجات الصحافة، وإنشاء مساحات VIP وVVIP، وغرف مؤتمرات، وغرف للاعبين والحكام، وتجهيز المدرجات والمقاعد بأحدث أنظمة الإضاءة والصوت لتوفير أقصى درجات الراحة. كما تم تركيب 500 كاميرا ذكية مع تقنية التعرف على الوجه ولوحات السيارات، إلى جانب نظام تحكم ذكي لضمان أعلى مستويات الأمان، مع غرفة تحكم حديثة مزودة بشاشات LED وبوابات تذاكر إلكترونية.
Le360
وحرص المعماريون على إدخال الهوية الثقافية لفاس في التصميم، باستخدام عناصر تقليدية مثل الزليج والخشب والجبس والزخارف المغربية الأصيلة.
الاستعدادات النهائية للمونديال الإفريقي
من 21 ديسمبر 2025 إلى 18 يناير 2026، ستستضيف هذه الملاعب التسعة مباريات البطولة، مقدمة تجربة فريدة تجمع بين العمارة الحديثة والتاريخ الغني والتقنيات المتقدمة، لجذب الجماهير من مختلف أنحاء العالم، في حدث كروي عالمي استثنائي يجمع بين الإثارة والفخامة.
من 21 دجنبر 2025 إلى 18 يناير 2026، ستكون هذه الملاعب التسعة، بما تحمله من حداثة، تاريخ، وتجهيزات استثنائية، في قلب الحدث القاري، مستقطبة جماهير من مختلف أنحاء العالم، لبطولة تعد بأن تكون واحدة من أكثر نسخ كأس أمم إفريقيا تألقًا وإثارة.
