ويرى مختصون أن السناريوهات المحتملة قد تفرض عبئا ماليا ثقيلا ويمكن أن يؤدي إلى تغييرات جذرية في خريطة الرياضة الأميركية.
وعلى رغم أن أي خطط نهائية لاستئناف المنافسات لم تبصر النور بعد، لكن رابطتي دوري البيسبول ("أم أل بي") والهوكي على الجليد ("أن أتش أل") تدرسان، بحسب التقارير، مقترحات تشمل إقامة المباريات في ملاعب فارغة أو منشآت مغلقة بعيدا عن الجمهور.
ومن المتوقع أن يحظى دوريا كرة السلة ("أن بي ايه") والهوكي اللذان كانا على مشارف نهاية الموسم العادي عند تعليق المنافسات فيمارس الماضي، بنسبة مشاهدة تلفزيونية ضخمة في حال استئناف النشاط ومنع حضور المشجعين في مدرجات الملاعب.
ويقول أندرو زيمباليست، أستاذ الاقتصاد في كلية سميث في نورثهامبتون بولاية ماساتشوستس، "كانت بطولتا كرة السلة والهوكي على وشك اختتام موسمهما العادي والذهاب إلى مرحلة الأدوار الاقصائية +بلاي أوف+، وهي الفترة الأكثر ربحا بالنسبة لهما، في المقام الأول بسبب قيمة عقود النقل التلفزيوني".
ويضيف "في حالة استئناف المنافسات فيهما (كرة السلة والهوكي) ولعب الأدوار النهائية، فإنهما سيحصلان على نسبة مشاهدة تلفزيونية جيدة للغاية، وسيكون ذلك إيجابيا بالنسبة لهما".
لكن هل ستكون لكل المنافسات مصلحة في اللعب بدون جمهور؟
يعتبر زيمبالست أن الهوكي التي تعد ضمن المسابقات الرياضية الأربع الكبرى في الولايات المتحدة، ستكون الأكثر تضررا في حالة إقامة المباريات بغياب المشجعين، لأنها "تحصل على معظم مدخولها من الملاعب".
ويحذر من أنه بالنسبة الى البطولات الرياضية الأقل شأنا، منع الجمهور قد يسبب إشكالية أكبر حتى.
- "أم أل أس" في ورطة كبيرة -
لقطة تظهر ملعب "دودجر ستاديوم" في اليوم الذي كان من المفترض أن يشهد افتتاح الموسم الجديد من دوري البيسبول الأميركي قبل أن يتم إرجاؤه بسبب فيروس كورونا المستجد، لوس انجليس في 26 مارس 2020.
وفقا لاحصاءات عام 2018، يستمد الدوري الأميركي لكرة القدم ("أم أل أس") 11 بالمئة فقط من إيراداته من عقود البث التلفزيوني، والباقي مصدره بشكل رئيسي عائدات الملاعب في شكل تذاكر ومرافق تجارية وإعلانات.
ويرى زيمباليست ان كرة القدم التي لا تحظى في الولايات المتحدة بشعبيتها المعروفة في باقي أنحاء العالم، ستكون "في ورطة أكبر من أي طرف آخر لأن عقده التلفزيوني ضئيل، وهو يعتمد بشكل كبير على عائدات الملعب. لذا سيكون بالتأكيد أمام مشكلة كبيرة".
وفي وقت تستعد البطولات لاحتمال العودة من دون جمهور، بدأت الشركات المتخصصة العمل على إيجاد حلول من شأنها تغطية مساحات الفراغ التي ستنشأ بفعل غياب المشجعين.
ويرى مارك وليامس من الشركة الهندسية "أتش كاي أس"، ان القيود قد تشكل فرصة للابتكار.
ويسأل "كيف يمكننا تكملة المنافسات في الملعب من دون رؤية مجموعة من المقاعد الفارغة؟"، مضيفا أنه حصل تواصل بالفعل مع عدد من الأطراف الأساسيين في عالم الرياضة.
وتطرق وليامس الى "استاد سوفي" في لوس أنجليس، المشيد حديثا بكلفة بلغت مليارات من الدولارات والمقرر افتتاحه هذا العام ليكون ملعبا لفريقي كرة القدم الأميركية لوس أنجليس رامس ولوس أنجليس تشارجرز.
وسيكون هذا الملعب ذو التصميم المستقبلي، مجهزا بوسائل تكنولوجية عدة، بما في ذلك شاشة عملاقة معلقة بيضاوية الشكل بجهتَي عرض، تحيط بالمستطيل الأخضر، ويمكن استخدامها لتغطية جانب من المدرجات الفارغة.
ويوضح وليامس "ربما يمكننا استخدام هذه التكنولوجيا بحيث أنه وعلى الرغم من المدرجات فارغة، (يمكننا) الاتصال بالمشجعين الذين يتابعون المباريات عبر الاتصال الالكتروني".
ويشير الى ان الظروف الحالية ساهمت في تسريع الابتكارات التي كانت قيد الاختبار، لاسيما لجهة زيادة دور التكنولوجيا في الرياضة واستهداف جماهير كبيرة نادرا ما كانت تأتي لحضور المباريات في الملاعب.
- حشود صغيرة -
في حين أن المنتظر على المدى القصير هو خلو الملاعب من المشجعين، تضغ البطولات المستقبل نصب عينيها، حيث تأمل السماح لهم بالعودة، لكن مع احترام قواعد التباعد الاجتماعي.
ويشير وليامس إلى أن هذا السيناريو سيتطلب على الأرجح إجراءات إضافية، مثل محطات لقياس درجة الحرارة عند نقاط الدخول، كما أصبحت نقاط التفتيش الأمنية معتادة بعد أحداث 11 شتنبر 2001. وبعد دخول حرم الملعب، ستعني قواعد التباعد الاجتماعي أنه يجب ترك مقعدين فارغين على الأقل بين كل مشجع وآخر.
لكن وليامس يسأل "هل سيكون من المنطقي من وجهة نظر اقتصادية القيام بذلك؟ هذا مصدر قلق كبير".
مشكلة أكبر قد تواجهها الرياضة الأميركية، هي اقناع المشجعين الذين يخشى العديد منهم التقاط عدوى "كوفيد-19"، بالعودة إلى الملاعب. وسيؤدي إحجام من هذا النوع، الى تفاقم الصعوبات المالية للأندية.
وتعد الولايات المتحدة أكثر الدول تضررا من الوباء، مع اقتراب الوفيات من 76 ألفا، وارتفاع العدد الاجمالي للمصابين الى أكثر من مليون.
ويرى محللون ان المشجعين قد لا يشعرون بثقة كاملة للعودة الى الملاعب، سوى عند توفر لقاح للفيروس.
لذلك، لا يستبعد وليامس إمكانية إعادة تطوير الملاعب للأخذ في الاعتبار توجها بعيد المدى، أي بعدد مقاعد أقل لكن بكلفة أعلى.
ويضيف "قد نصل الى هذا المستوى".
لكن آخرين يشككون بما إذا كان الوباء سيؤدي إلى تغييرات دائمة في شكل الملاعب الرياضية.
ويرى راين سيكمان من الشركة الهندسية "غينسلير" التي شاركت في بناء أو تصميم العديد من الملاعب "لا أرى أن تغيير الشكل العام لهذه الملاعب على المدى الطويل سيكون بفائدة ملموسة (...) دعونا نخطط لما هو أسوأ، ولكن دعونا نتأكد من اننا لا نبالغ في رد فعلنا".
وأضاف "نحن كبشر يربطنا التجمع، التواجد في تجمعات كبيرة للاحتفال، للصلاة، للاحتجاج. لدينا هذه الرغبة الفطرية للالتقاء لأمر أكبر من أنفسنا. هذا ما هي عليه الرياضة".
ويتابع "تخيلوا كأسا للعالم حيث لا يهتف المشجعون أو يعانقون بعضهم البعض بعد هدف الفوز. لا أرى ذلك يحدث، سنعود إلى الحالة الطبيعية لأننا كبشر نطالب بها".
ويضيف "نحن نرغب في ذلك".