الحكامة ليست كلمة تردد على الأفواه، أو شعار يرفع كلما أردنا تبرير إخفاق، أو الحديث عن بناء مستقبل، بل هي ممارسة يومية، سواء في المجال الرياضي أو غيره، نبرهن بها عن حسن تدبيرنا، وامتلاكنا لرؤى واضحة، نسعى بالحكامة إلى تطبيقها على أرض الواقع لتحقيق الأهداف المرجوة.
من الرائع أن يتشبث السيد لقجع بالحكامة، ويعتبرها الحل الأمثل لتجاوز إخفاقاتنا، والمضي نحو مستقبل أفضل رياضيا، غير أنه من المؤسف أن نجد أن جامعته بما هي مؤسسة رياضية ينبغي أن تتمثل فيها الحكامة، في تدبيرها اليومي وتنظيرها لمستقبل كرة القدم الوطنية، تفتقر إلى حكامة رياضية جيدة، ويكفي أن نطلع على واقعنا الكروي، من مختلف جوانبه لنتبين حقيقة الأمور، ونتأكد أننا نملك دوريا احترافيا تسمية وهاويا ممارسة، يعاني مشاكل من الممكن حلها بحكامة جيدة شعارا وممارسة.
الحكامة الجيدة تفرض أول ما تفرضه أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب، وهنا وجب أن نقف أولا على تشكيلة المكتب المديري الجامعي، الذي يتشكل من أسماء لا تمت لكرة القدم بصلة، فعن أي حكامة نتحدث؟، دون الحديث عن دور اللجان الجامعية وعن الإدارة التقنية، التي اختارها السيد لقجع في إطار حكامته الرياضية، وراح ينتقدها ويشن عليها هجوما شرسا، وهو يتحدث عن نتائجها في خرجته الإعلامية الأخيرة، كون أطرها يتقاضون أجورا لا تتناسب ومردودهم، وكيف لجامعة تملك حكامة جيدة، أن يغادرها 50 إطارا تقنيا دفعة واحدة، تاركين وراءهم فراغا مهولا، في وقت يتحدث فيه السيد لقجع عن أن الاستقرار التقني هو الكفيل بضمان نتائج جيدة.
وكيف يمكن أن يفسر من يتغنى بالحكامة التي تستلزم الصدق في القول والفعل، أنه صرح ذات ليلة بأن بادو الزاكي باق في مكانه وليست هناك أية إقالة، وفي صباح اليوم الموالي يصدر بلاغا بإقالته؟، ثم هل من الحكامة أن يقتحم صاحب الحكامة أرضية الملعب ويكرر الأمر مرتين الأولى بعد نهاية مباراة نهضة بركان ويتوعد حكم المباراة، والثانية أسوأ، ويمكن العودة إلى "var" لمشاهدتها، بعد مباراة الأسود أمام اسبانيا في محفل رياضي عالمي، يفترض أن المسؤول الذي يحضره لا يمثل نفسه بل يمثل بلده، وثقافة شعبه، لذلك عليه أن يكون حكيما في تصرفاته، كاتما لغضبه، لا أن يمارس الشغب في أبشع صوره.
ختاما.. الحكامة تقتضي أول ما تقتضيه أن تكون لنا برمجة ثابتة التواريخ، وملاعب لا تغلق في وجه الفرق وسط الموسم، وتزيد من معاناتها، كما تقتضي أن تكون الجامعة مثالا في احترام القوانين، بدل إيجاد "التخريجات" لمن نرغب في ذلك، ونشهر القانون في وجه من لا مصلحة لنا معه، وأن تكون مثالا في التواصل الاحترافي، بدل حصر مهمة اللجنة في النفي وإصدار البلاغات، كما تقتضي إشراك جميع المتداخلين في اتخاذ القرارات، حتى يكون أمركم شورى بينكم، وإلى ذلكم الحين في أمان الله.