هذا المشروع، الذي أعلنه فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية ورئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يأتي استجابةً للتوجيهات الملكية السامية التي تم الإعلان عنها خلال انعقاد المجلس الوزاري بتاريخ 4 دجنبر 2024. وهي توجيهات تعد بمثابة أمر واضح: النجاح في تنظيم مونديال 2030… وما بعده.
« مؤسسة المغرب 2030 » لن تكون مجرد هيئة تكنوقراطية جديدة، بل وضعت لتكون بمثابة المهندس الصامت لكن الحاسم لطموح المغرب العالميـ وتتمثل مهمتها في ضمان التزام الدولة بتعهداتها في الوقت المحدد، وبما يتوافق مع المعايير والقيم التي تنتظرها الفيفا، ولكن قبل ذلك، بما يليق بتطلعات المغاربة أنفسهم. ويتعلق الأمر بضمان إنجاز المشاريع الكبرى (مثل الملاعب، والبنى التحتية للنقل، وورشات التحديث) دون البطء والتعقيد المعتادين في الإدارة التقليدية.
و قال مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الأمر بكل وضوح: دور المؤسسة هو التسريع. تسريع الأشغال، تسريع التنسيق، وتسريع الرؤية. وهي رؤية لا تقتصر على المدن المستضيفة لكأس العالم، بل تطمح إلى أن تعم فوائد هذا الحدث مختلف مناطق المملكة.
ووفقا لروح النص المعروض، فإن « مؤسسة المغرب 2030 » ستعتمد منهجية تشاركية في عملها. وهي آلية معقدة لكنها ضرورية، تستدعي انخراط الجميع: الإدارات العمومية، المؤسسات العمومية، الجماعات الترابية، المجتمع المدني، القطاع الخاص، الجالية المغربية، عالم كرة القدم، وحتى الكفاءات الإفريقية. إنها في الآن ذاته انفتاح ومسؤولية، باعتبار أن تنظيم هذا الحدث العالمي لا يجب أن يكون مسؤولية الدولة فقط، بل مسؤولية أمة متضامنة.
وبالإضافة إلى كأس العالم، الذي يشكل القاطرة الأساسية، ستكون المؤسسة مطالبة أيضا بتهيئة الظروف لإنجاح أحداث أخرى، أبرزها كأس إفريقيا للأمم 2025. والأهم من ذلك، سيكون عليها إدراج كل هذه الجهود ضمن مشروع تنموي أوسع، أعمق، وأكثر استدامة. باختصار، استثمار الرياضة ليس كغاية في حد ذاتها، بل كرافعة: رافعة للاندماج، والحركية الاجتماعية، وتأهيل البنية التحتية، وإعادة تموقع المغرب استراتيجياً على الساحة الدولية.
بين السطور، تتجلى رؤية الملك محمد السادس بكل وضوح: جعل الرياضة محركا للتنمية الشاملة. واختيار إسناد هذه المهمة إلى مؤسسة، وليس إلى وزارة أو لجنة مؤقتة، لم يكن اختيارا اعتباطيا. بل ييجسد شكلا من أشكال الحكامة الهجينة، المرنة، المتفاعلة، والمصممة لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين. الهدف هو عدم تكرار أخطاء الماضي، حيث لم يكن الزمن السياسي ولا الإداري متوافقا يوما مع الإكراهات الزمنية للرهانات الرياضية.
التحدي كبير، لكنه في مستوى الطموح المعلن: أن يصبح المغرب ليس فقط بلدا منظما، بل فاعلا رئيسيا في هيكلة كرة القدم العالمية، ونموذجا في التنمية عبر الرياضة. مشروع القانون 35.25 لا يقتصر على إنشاء كيان إداري، بل يطلق تعاقدا جماعيا. يرسم مسارا محدد المعالم، تُوجهه مواعيد رياضية كبرى، لكنه مدفوع بدينامية تحول وطني.
بعد ست سنوات، ستتجه أنظار العالم إلى الرباط، الدار البيضاء، مراكش، وغيرها من المدن المستضيفة. وهذا الاهتمام العالمي، يستعد له المغرب من الآن. بمنهجية، وصرامة، وطموح… وابتداء من اليوم، بمؤسسة.
